إرث قاتل يحصد أرواح الأبرياء بلا تمييز
كارثة الألغام في اليمن
  • 04/04/2025
  •  https://samrl.com/l?a5493 
    منظمة سام |

    جنيف - تحيي منظمة سام للحقوق والحريات اليوم الدولي للتوعية بخطر الألغام، في ظل استمرار هذه المأساة الإنسانية التي تحصد أرواح المدنيين يوميًا في اليمن، خاصة الأطفال والنساء وكبار السن، لافتةً إلى أن زراعة الألغام الأرضية بشكل عشوائي، لا سيما في المناطق السكنية والمزارع والطرقات، جعل اليمن واحدة من أكثر الدول تضررًا من هذا السلاح المحظور دوليًا، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وتدمير البنية التحتية وزيادة معاناة السكان، ودعت سام جميع الجهات المعنية، سواء الحكومات أو المنظمات الدولية، إلى تحمل مسؤولياتها واتخاذ خطوات فورية وعملية لإنهاء مأساة الألغام في اليمن.

    انتشار واسع وتأثير كارثي على المدنيين

    وأوردت المنظمة أن اليمن يواجه اليمن تلوثًا هائلًا بالألغام الأرضية التقليدية والمبتكرة، دون تقدير دقيق لحجم هذه المشكلة. ووفقًا لتقرير "Clearing the Mines 2024"، فإن اليمن يعاني من تلوث ثقيل بالألغام المضادة للأفراد، حيث لم يتم إحراز تقدم واضح نحو تحقيق هدف تطهير المناطق الملوثة بحلول عام 2025 وفقًا لخطة عمل أوسلو.

    تشير الأرقام إلى أن الألغام الأرضية تسببت في مقتل وإصابة أكثر من 10,000 طفل حتى أغسطس 2021، وفقًا لمنظمة اليونيسف كما رصدت هيومن رايتس ووتش حالات واسعة من استخدام جماعة الحوثي للألغام الأرضية في القرى والمزارع والطرقات، مما أدى إلى مقتل وإصابة آلاف المدنيين منذ عام 2015.

    إحصائيات مروعة

    وذكر البيان الصادر عن سام أن التقارير الصادرة عن المنظمة تشير إلى أن الألغام الأرضية أصبحت واحدة من أخطر التهديدات التي تواجه المدنيين في اليمن، حيث تسببت في سقوط مئات الضحايا سنويًا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء. وفقًا لإحصائيات المنظمة، فقد سقط أكثر من 2,500 مدني بين قتيل وجريح جراء انفجار الألغام منذ عام 2015، وسط استمرار عمليات زراعة الألغام في المناطق السكنية والزراعية والطرقات الحيوية.

    في عام 2023 وحده، وثّقت منظمة سام وقوع عشرات الحوادث الدامية نتيجة انفجار الألغام الأرضية، كان معظم ضحاياها من الأطفال الذين تعرضوا لإصابات قاتلة وبتر في الأطراف أثناء اللعب بالقرب من منازلهم أو في الطرقات العامة، كما تم تسجيل حالات مأساوية لمدنيين فقدوا حياتهم أثناء محاولتهم الوصول إلى مصادر المياه أو أثناء رعي مواشيهم في المناطق الملوثة بالألغام.

    وتكشف بيانات المنظمة أن الألغام زرعت بشكل مكثف في عدة محافظات يمنية، أبرزها تعز والحديدة والجوف ومأرب وصعدة وحجة وشبوة. وقد أدت هذه الألغام إلى تعطيل حياة مئات الآلاف من المواطنين، حيث أجبرت العديد من العائلات على النزوح من قراها خوفًا من خطر الموت المتربص تحت الأرض. كما أسهمت هذه الأزمة في حرمان آلاف المزارعين من فلاحة أراضيهم، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية وانعدام الأمن الغذائي في العديد من المناطق الريفية. ولا تزال المنظمة تتلقى تقارير شبه يومية عن وقوع إصابات ووفيات بسبب الألغام، مما يؤكد الحاجة الملحة لتحرك دولي فوري لإزالة هذه الكارثة، وضمان حياة آمنة للمدنيين بعيدًا عن خطر الألغام القاتلة.

    جهود دولية متعثرة

    ولفتت منظمة سام إلى أنه ورغم الجهود المبذولة لنزع الألغام، فإن الأوضاع الأمنية والسياسية تعرقل تنفيذ برامج الإزالة بكفاءة، حيث أوقفت الجهات المانحة في عام 2023، تمويل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) للطوارئ لنزع الألغام، مما أدى إلى إيقاف 60 فريقًا متخصصًا في إزالة الألغام وتعليق عمليات المسح والتطهير، باستثناء حالات الطوارئ، كما يواجه برنامج نزع الألغام الحكومي (YEMAC) صعوبات كبيرة في توفير المعدات والموارد اللازمة، ما أدى إلى تراجع مساحة الأراضي التي تم تطهيرها إلى 0.18 كم² فقط في عام 2023، مقارنة بـ 2 كم² في 2022.

    الأطفال الأكثر تضررًا

    وأبرزت المنظمة أن الأطفال يمثلون الفئة الأكثر تضررًا من الألغام، إذ غالبًا ما ينجذبون إلى الأجسام غير المنفجرة أثناء اللعب، مما يؤدي إلى حوادث مأساوية متكررة. في إحدى الحوادث التي وثقتها منظمة سام للحقوق والحريات، انفجر لغم أرضي في منطقة مقبنة بمحافظة تعز أثناء لعب الأطفال، مما أدى إلى إصابات خطيرة في صفوفهم، كما تؤدي الألغام إلى حرمان الأطفال من الوصول إلى المدارس والمراكز الصحية، مما يعمق من آثار الحرب على جيل بأكمله.

    انتهاكات مستمرة للقانون الدولي الإنساني

    وشددت سام على أن استمرار استخدام الألغام الأرضية يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، لما تسببه من تهديد مستمر لحياة المدنيين وتدمير البنية التحتية وإعاقة التنمية، حيث أكدت العديد من الاتفاقيات الدولية على حظر أو تقييد استخدام الألغام، أبرزها اتفاقية أوتاوا لعام 1997، والتي تحظر استخدام الألغام المضادة للأفراد وتلزم الدول بتدمير مخزونها منها، إضافة إلى البروتوكول الثاني المُعدل من اتفاقية حظر أو تقييد استعمال بعض الأسلحة التقليدية لعام 1996، الذي ينظم استخدام الألغام المضادة للمركبات ويشدد على اتخاذ تدابير لحماية المدنيين. كما تنص اتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 على ضرورة حماية السكان المدنيين من الأخطار الناجمة عن العمليات العسكرية، مما يجعل زراعة الألغام العشوائية أو غير المعلّمة مخالفة صريحة لمبادئ القانون الدولي الإنساني، منوهةً بأن أطراف النزاع في اليمن، خاصة جماعة الحوثي، لا تزال تستخدمها على نطاق واسع، مما يعد جريمة حرب تستوجب المحاسبة الدولية.

     

    دعوة للتحرك العاجل

    وأشارت سام إلى أنه وفي ظل تزايد أعداد الضحايا المدنيين بسبب الألغام الأرضية، تبرز الحاجة الملحة إلى تحرك دولي فاعل تتطلب إجراءات حازمة تلزم جميع أطراف النزاع في اليمن بالتوقف الفوري عن استخدام الألغام الأرضية، والعمل على إزالتها لضمان سلامة المدنيين، مضيفةً أن التراخي في التعامل مع هذه الكارثة الإنسانية لا يؤدي إلا إلى مزيد من الضحايا، وإلى استمرار تهديد حياة الآلاف من الأبرياء الذين يعيشون يوميًا تحت وطأة الخوف من الألغام المخفية في منازلهم وطرقاتهم ومزارعهم.

    وحثت المنظمة المجتمع الدولي على تحمُّل مسؤولياته القانونية والأخلاقية من خلال استئناف دعم برامج نزع الألغام، التي توقفت بسبب نقص التمويل في عام 2023، مما أدى إلى تعليق عمليات الإزالة وإيقاف عشرات الفرق المتخصصة، مشددة على أنه لا يمكن ترك اليمنيين يواجهون هذه المأساة وحدهم، بل يجب توفير التمويل اللازم للمنظمات الإنسانية والجهات الفاعلة في مجال نزع الألغام، لضمان استئناف عمليات التطهير بأسرع وقت ممكن.

    وأكدت على أن استمرار زراعة الألغام الأرضية، وخاصة في المناطق السكنية والزراعية، يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، وهو جريمة حرب يجب ألا تمر دون محاسبة، ما يحتم على الجهات الدولية المختصة، بما في ذلك الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية، فتح تحقيقات عاجلة لمساءلة المتورطين في استخدام هذا السلاح المحظور دوليًا، والعمل على تقديمهم للعدالة لضمان عدم إفلاتهم من العقاب.

     

  •  
    جميع الحقوق محفوظة لمنظمة سام © 2023، تصميم وتطوير