
أصدرت رابطة أمهات المختطفين ومنظمة سام للحقوق والحريات، بدعم من معهد DT، دراسة حالة توثيقية بعنوان: "سلام من الداخل: كيف حوّلت لجنة التوافق والمصالحة النزاعات إلى جسور ثقة في تعز"، تسلط الضوء على تجربة رائدة في العدالة التصالحية وبناء السلام المحلي في واحدة من أكثر المدن اليمنية تضررًا من النزاع المسلح.
تركز الدراسة على تجربة لجنة الوفاق والمصالحة المجتمعية في تعز، التي تأسست في يناير 2025 ضمن مشروع SPARK، كآلية مجتمعية بديلة ساهمت في احتواء النزاعات المحلية وسد فجوة غياب مؤسسات إنفاذ القانون في ظل الانقسام السياسي وتراجع المنظومة القضائية والأمنية منذ عام 2015.
وتشير الدراسة إلى أن اللجنة اعتمدت منهجية متعددة المستويات، جمعت بين الوساطة المجتمعية، والتوثيق الحقوقي، والتوعية بالعدالة الانتقالية، والتنسيق مع السلطات المحلية ومنظمات المجتمع المدني، ما مكّنها من استعادة ثقة المواطنين، خصوصًا في المناطق الريفية التي تعاني من ضعف مؤسسي مضاعف.
وأظهرت نتائج الدراسة أن اللجنة وثّقت 96 قضية نزاع خلال الفترة من بداية عملها حتى نهاية أكتوبر 2025، أُغلِق منها 70 ملفًا عبر حلول تصالحية سلمية، فيما لا تزال 26قضية قيد المتابعة، معظمها مرتبط بتداعيات الحرب والنزوح والنزاعات على الأراضي والممتلكات.
كما وثقت الدراسة تدخلات نوعية للجنة، شملت إيقاف نزاعات عقارية خطيرة، إنهاء خلافات عائلية ومجتمعية، الإفراج عن طفل محتجز ضمن مسار تصالحي قانوني، والمساهمة في الاستجابة الإنسانية خلال سيول أغسطس 2025 عبر رصد الأضرار وتنسيق التدخلات مع الجهات المختصة
وفي ملف المنازل المنهوبة، كشفت الدراسة أن اللجنة أسهمت، بالتعاون مع رابطة أمهات المختطفين ومنظمة سام، في استعادة سبعة منازل وتسليمها لأصحابها بشكل قانوني وإنساني من أصل 27 حالة موثقة، بينما تستمر الجهود لمعالجة بقية الحالات عبر المسار التفاوضي.
وأكدت المنظمتان أن هذه الدراسة تمثل دليلًا عمليًا على قدرة المبادرات المجتمعية المنظمة على تحويل النزاع إلى فرصة للتفاهم، وترميم النسيج الاجتماعي، وتعزيز مفاهيم العدالة التصالحية بعيدًا عن منطق العنف والانتقام.
كما شددت المنظمتان على أن تمويل معهد DT لمشروع SPARK مكّن من تطوير نموذج قابل للتوسع والتكرار في محافظات يمنية أخرى، بما يسهم في دعم مسارات السلام المحلي، وتعزيز العدالة الانتقالية، وبناء الثقة بين المجتمع والدولة من القاعدة إلى الأعلى.