جنيف - قالت منظمة سام للحقوق والحريات إن الغارات الجوية التي شنّتها طائرات أمريكية على منطقة رأس عيسى بمحافظة الحديدة، والتي استهدفت منشأة رأس عيسى النفطية، تمثل تصعيداً خطيراً وانتهاكاً جسيماً للقانون الدولي الإنساني، مشددةً على أن الاستمرار في استهداف المدنيين والبنية التحتية الحيوية في اليمن، يُعمّق من مأساة إنسانية يعيشها اليمنيون منذ سنوات، ويقوّض أي فرص للسلام، وهو ما يفرض على المجتمع الدولي تحمّل مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية في حماية الشعب اليمني من العدوان والانتهاكات المستمرة.
وأشارت المنظمة إلى أن الهجوم الجوي، الذي وقع في 17 إبريل 2025، استهدف منشأة رأس عيسى النفطية عبر أربع غارات متتالية، ما أدى إلى تدمير واسع في البنية التحتية للمنشأة الحيوية، وتسبّب في مقتل 80 مدنيًا وإصابة 150 آخرين وفق إحصائيات غير نهائية صادرة عن مكتب الصحة بمحافظة الحديدة.
وذكرت المنظمة أن غالبية الضحايا من العمال والموظفين المدنيين الذين لا علاقة لهم بأي نشاط عسكري، من بينهم: خالد عبد الله محسن، أسامة سرور، أحمد ناجي، عصام هادي، أحمد هبة، أمير مكي، عبد الرحمن صالح، قاسم طويل، أسامة عوش، مصطفى عوش، معاذ يوسف، وليد مناجي صيقل، عبد الله عوض مزجاجي، سامي عوض مزجاجي، نزار عبده هندي، وآخرين.
واعتبرت “سام” أن هذا الاعتداء يشكل خرقًا فاضحًا لأحكام اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، لاسيما المادة 51 والتي تحظر الهجمات العشوائية أو تلك التي تستهدف المدنيين بشكل مباشر، وتلك التي من شأنها أن تُلحق خسائر مفرطة بين المدنيين، كما يشكل هذا الاستهداف خرقًا لميثاق الأمم المتحدة الذي يحظر استخدام القوة ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة.
وشددت المنظمة على أن استهداف منشأة مدنية حيوية، تُعد من أهم روافد الإمداد النفطي والغذائي للمدنيين، في ظل أزمة إنسانية خانقة تشهدها البلاد، يُعد تصعيدًا غير مبرر ينتهك مبدأ التناسب والتمييز، ويضاعف من معاناة السكان، ويهدد حياة مئات الآلاف ممن يعتمدون على هذه المنشآت في الحصول على الوقود والاحتياجات الأساسية.
واعتبرت “سام” أن استمرار هذا النهج العسكري، بذريعة محاربة جماعة الحوثي، لا يبرر استهداف المدنيين والبنية التحتية الحيوية التي تخدم المواطنين جميعًا، لافتة إلى أن الضحايا لا علاقة لهم بأي نشاط عسكري، وإنما هم موظفون يسعون لكسب لقمة العيش في ظروف معيشية قاسية.
ودعت المنظمة الإدارة الأمريكية إلى تحمّل كامل مسؤولياتها القانونية تجاه الضحايا، والعمل على تعويض عائلات القتلى والجرحى المدنيين تعويضًا عادلاً ومنصفًا، وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات التي تتعارض بشكل مباشر مع التزامات الولايات المتحدة بموجب القانون الدولي الإنساني.
وأكدت “سام” على ضرورة الوقف الفوري لجميع أشكال العمليات العسكرية الأمريكية التي تستهدف المنشآت والأعيان المدنية ، وضرورة مراعاة مبدأ التمييز والتناسب والضرورة العسكرية بموجب اتفاقية جنيف والتي تُلحق أذىً مباشرًا بالمدنيين اليمنيين وتزيد من تعقيد الوضع الإنساني المتدهور في البلاد.
وحثت منظمة سام المجتمع الدولي، وفي طليعته الأمم المتحدة ومجلس الأمن، على اتخاذ موقف واضح وحازم إزاء هذه الانتهاكات التي تطال المدنيين في اليمن والعمل بشكل جاد لإنهاء حالة الإفلات من العقاب التي سادت خلال السنوات الماضية، وشجعت على تكرار الجرائم دون أي مساءلة حقيقية.