توقيف المحامية أفنان البطاطي انتهاك صارخ للحقوق الدستورية وكرامة المرأة
  • 04/06/2025
  •  https://samrl.com/l?a5525 
    منظمة سام |

    جنيف - قالت منظمة سام للحقوق والحريات إن واقعة توقيف المحامية أفنان عبدالله محمد البطاطي بتاريخ السبت الموافق 31 مايو 2025، من قبل أفراد يتبعون "قوات الحزام الأمني" في نقطة الحديد الواقعة على مشارف مدينة عدن، ومنعها من الدخول بحجة "سفرها دون محرم"، يعد تصرف غير مسبوق وغير مستند لأي نص قانوني يمني، ويعد انتهاكًا صريحًا للحقوق الدستورية والضمانات القانونية المكفولة للمرأة والمواطن بشكل عام.

    تلقت منظمة سام للحقوق والحريات بلاغًا موثقًا من المحامية أفنان البطاطي، أفادت فيه بتعرضها لانتهاكات متعددة، منها التمييز القائم على النوع الاجتماعي، وحرمانها من حرية التنقل، والإهانة اللفظية والرمزية لكرامتها كمواطنة ومحامية، إضافة إلى رفض التعامل معها بشكل مباشر لكونها امرأة، وإلزام سائق الحافلة بالتعهد بعدم نقل فتيات دون "محرم"، وهو ما يمثل تجاوزًا خطيرًا لمبادئ سيادة القانون والحقوق الأساسية المكفولة للنساء.

    واعتبرت سام أن إجبار امرأة على التوقف في نقطة أمنية، والامتناع عن مخاطبتها لمجرد كونها امرأة، واشتراط وجود "محرم" كشرط للمرور، ليس فقط تقييدًا للحريات، بل تكريس لمنطق الولاية الذكورية خارج القانون، وهو ما يمثّل اعتداءً سافرًا على روح الدولة المدنية، وضربًا لمبدأ المساواة، واستهانة بدور المرأة في الفضاء العام، حتى وإن كانت محامية تمثل القانون نفسه.

    وأشارت المنظمة إلى أن هذا الإجراء يعد خرقًا للدستور اليمني، الذي نص في المادة (41) على أن "المواطنين جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات"، وفي المادة (57) التي تضمن حرية التنقل، وكذلك المادة (48) التي تكفل الكرامة والحرية الشخصية للمواطن. كما اعتبرت المنظمة أن ما جرى يمثل انتهاكًا لنصوص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ولا سيما المادة (12/3) منه، التي تضمن حرية التنقل دون تمييز، ولأحكام اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) التي صادقت عليها اليمن، والتي تؤكد حق المرأة في التنقل بحرية ودون وصاية ذكورية.

    وذكرت أن الامتناع عن الحديث مع المحامية، والتعامل معها من خلال وسيط (سائق الحافلة)، ثم فرض تعهدات شفهية دون أي مسوغ قانوني، ورفض القائد المسؤول الكشف عن هويته، كلها سلوكيات تشكّل انتهاكًا واضحًا لقانون الإجراءات الجزائية، ولا سيما المادة (15) التي تؤكد أنه "لا يجوز وضع قيود على حرية المواطنين إلا وفقًا للقانون"، كما تمثل مخالفة لقانون هيئة الشرطة رقم (15) لسنة 2000م الذي يحدد أن إدارة النقاط الأمنية منوطة بجهاز الشرطة التابع لوزارة الداخلية، وليس الجيش أو القوات ذات الطابع العسكري.

    وأكدت منظمة سام على ضرورة حماية النساء من أشكال التمييز المؤسسي، خاصة في الفضاءات العامة، ومنحهن حق التنقل والسفر دون قيود، بما يتسق مع التزامات اليمن المحلية والدولية، وعلى رأسها اتفاقية "سيداو" والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، مطالبةً كافة الهيئات الرسمية، ومنظمات المجتمع المدني، والمواطنين، إلى رفض هذا النمط من الانتهاكات، والتصدي لعودة الممارسات التي تقوّض مكانة المرأة، وتدفع بالبلاد نحو حالة من التراجع الحقوقي الخطير تحت غطاء ديني أو عرفي لا سند له في الدستور أو القانون.

    ودعت منظمة سام للحقوق والحريات وزارة الداخلية إلى اتخاذ موقف حازم تجاه هذه الواقعة، من خلال فتح تحقيق عاجل ومستقل يحدّد هوية المسؤولين عنها، سواء من أصدر التعليمات أو من نفّذها، وضمان محاسبة كل من خالف القانون أو تعسف في استخدام سلطته. إن التهاون في المساءلة يشرعن الانتهاك ويعيد إنتاجه، كما دعت المنظمة كافة الجهات الأمنية والمدنية إلى احترام النصوص الدستورية والقانونية التي تضمن حرية التنقل والمساواة، وعدم الاستناد إلى الأعراف أو الاجتهادات الشخصية كمرجعية للتعامل مع المواطنين. فالدولة لا تقوم على العادات، بل على سيادة القانون.


  •  
    جميع الحقوق محفوظة لمنظمة سام © 2023، تصميم وتطوير